استراتيجيات الرعاية التربوية للموهوبين

استراتيجيات الرعاية التربوية للموهوبين

قد تم توجيه الاهتمام بالموهوبين في المجال التربوي والتعليمي إلى إجراءات عملية، حيث تم تطوير استراتيجيات وأساليب متعددة لرعايتهم، وتتنوع هذه الأساليب تبعًا لتباين فلسفتها وأهدافها وإمكاناتها البشرية والمادية وطبيعة المجتمع المستهدف بخدماتها .

وأنه حسب ما كتب في مراجع علم نفس الموهبة والتفوق يمكن تصنيف هذه الاستراتيجيات في ثلاثة أنواع رئيسية وهي:

– التسريع الأكاديمي .

– الإثراء التربوي.

– التجميع.

وفيما يلي يتم توضيح كل أسلوب من هذه الأساليب وإيجابيات وسلبيات كل أسلوب:

أولاً: التسريع الأكاديمي:

أن إستراتيجية التسريع الأكاديمي تتلخص “بالسماح للتلاميذ الموهوبين بالالتحاق بمرحلة تعليمية ما في عمر زمني أقل من المعتاد، أو اجتياز لمرحلة تعليمية ما في مدة زمنية أقل من المدة التي يحتاج إليها التلاميذ العاديون وذلك من خلال وضع مناهج تعليمية مرنة تتناسب مع حاجات الموهوبين وقدراتهم وميولهم”. وتبني هذه الإستراتيجية على أساس أن الطفل الموهوب والمتفوق لديه من الجدارة

والنضج العقلي المبكر في بعض المجالات ، ومن سرعة الاستيعاب والفهم والتعليم ما يمكنه من تعلم منهج أكثر تقدمًا أو تعلم قدر أكبر من المعارف والمهارات والخبرات التي يتعلمها الطالب العادي بالمنهج العادي من خلال الفترة الزمنية نفسها مما يساعده على انهاء البرنامج في زمن أقل وفي سن مبكرة، أنه يمكن تنفيذ هذه الإستراتيجية من خلال أكثر من أسلوب وذلك على النحو التالي:-

– التبكير بدخول الطفل الروضة .

– التبكير بإلحاق الطفل بالمدرسة الابتدائية .

– تخطي بعض الصفوف الدراسية .

– الإسراع في تعليمه مقررات دراسية معينة .

– إنهاء المرحلة التعليمية قبل زملائه .

– العقد المتزامن، وذلك في أكثر من صف دراسي واحد، أو في أكثر من مرحلة تعليمية واحدة.

– الفصول المجمعة: وهي تلك الفصول التي يتجمع فيها الأطفال لدراسة مادة دراسية معينة ثم يعودون بعد ذلك إلى فصولهم الأصلية.

ومن مميزات إستراتيجية التسريع الأكاديمي عن غيرها من الاستراتيجيات :

– تتيح التسريع للطلاب الموهوبين والمتفوقين اكتساب أقصى قدر من المعرفة والخبرة المرتبطة بمجالات تفوقهم في وقت مبكر مما يمكنهم من الخروج إلى الحياة العملية والعمل والإنتاج وتقديم مساهمتهم الإبداعية تمعام في سنوات شبام التي تتسم بالحيوية والنشاط

– يتميز التسريع بأنه لا يتطلب نفقات إضافية للبرنامج التعليمي ، ويقلل من عدد سنوات الدراسة .

– يلبي التسريع التعليمي كثيرًا من الاحتياجات العقلية للطلاب الموهوبين ، ويزيد من دافعيتهم للتعلم والإنجاز ومن ثقتهم بأنفسهم .

– يتميز التسريع الأكاديمي بكونه أسلوبًا سه ً لا من الناحية الإدارية . ومع ذلك يشير البعض إلى عدد من التخوفات بشأن تطبيق إستراتيجية التسريع التعليمي،

وكشفت نتائج البحوث والدراسات التي تم إجراؤها في هذا الشأن بصورة واضحة إن تخطي الموهوب لصف دراسي واحد أو أكثر

له أثر سلبي في توافقه الاجتماعي، وأن سوء التوافق عادة ما ينتج عن عملية الإلحاق الخاطئ للطالب في البرامج التسريعية، وأن تسريع الطفل المتميز ليس أكثر سلبيًا من الاحتفاظ به في الصف العادي مع أقرانه بنفس العمر الزمني .

 

أن التسريع التعليمي من شأنه مضاعفة المتطلبات والأعباء الأكاديمية وتكثيفها على الطفل مما يجعله عرضة للضغوط وقد يقوده إلى الاختراق النفسي المبكر.

وللحد من هذه المخاوف وإزالتها ضرورة توفير الخدمات الإرشادية كجزء لا يتجزأ من إستراتيجية التسريع التعليمي ، وذلك لتهيئة الطفل للبرنامج التعليمي وتعويض الطفل على فرص اللعب والتعامل مع أقرانه في مواقف الدراسة والحياة ،وكما ينصح بضرورة تشخيص

الفجوات المعرفية والمهارية لدى الطلاب الموهوبين بصورة مستمرة ومساعدتهم على تعلم أي أجزاء أساسية أو مهارات ضرورية لم يتمكنوا من تعلمها نتيجة تخطي بعض الصفوف أو المقررات .

ومن بين الأمثلة التي وردت في بعض المراجع لموهوبين أنهوا دراساتهم في مراحل وجيزة وقدموا إبداعاتهم في مرحلة مبكرة من عمرهم ما ذكره: طفل أفغاني يدعى سيد جلال التحق بجامعة البترول والمعادن بالظهران بالمملكة العربية السعودية وعمره عشرة أعوام أما جون باردين الذي أنهى دراسته الثانوية وعمره خمسة عشر عامًا، وحصل بعد ذلك على جائزة نوبل في الفيزياء.

 

 

ثانيًا: إستراتيجية التجميع:

عرف أسلوب التجميع “بأنه ذلك الأسلوب الذي يتم فيه وضع الأطفال الموهوبين في مجموعات متجانسة تضم الأقران الذين يشبهونهم في معدلات الذكاء أو الاهتمامات أو المهارات والمواهب “.

والهدف من تجميع الموهوبين والمتفوقين وتعليمهم معًا هو تهيئة الفرص لكي يتفاعلوا عن طريق نظرائهم عقليًا ، والتقليل من مدى

التباين في المقدرات والمستويات الأدائية من خلال مجموعات متكافئة من حيث المستوى التحصلي “.

 

هناك نمطين للتجميع هما :-

أ) التجميع المتجانس أو تبعًا للقدرات المتماثلة: ويشير هذا النمط إلى تجميع ذوي الاستعدادات ومستويات التحصيل المتجانسة، والميول والاهتمامات المتقاربة أو المتشابهة في مجموعة واحدة لتلقي الخدمات والمناهج التربوية الخاصة معًا.

ب)التجميع غير المتجانس أو بحسب القدرات المختلطة : ويشير إلى الرعاية التربوية للطلاب جميعًا من ذوي القدرات المختلفة ومستويات التحصيل المتباينة داخل الفصل العادي نفسه في مجموعات صغيرة .

 

من أشكال التجميع المتجانس ما يلي:

– التجميع في مدارس خاصة داخلية أو خارجية خاصة بالموهوبين والمتفوقين.

– التجميع في فصول خاصة بالموهوبين داخل المدارس العادية بحيث يتاح للموهوبين

والمتفوقين وفقًا لهذا الشكل من البرامج مشاركة أقرانهم العاديين في الأنشطة المدرسية المعتادة ومن ثم التفاعل معهم واكتساب الخبرات الاجتماعية التي تعينهم على التوافق لاجتماعي ، وفي الوقت نفسه تلقي البرامج والخدمات التربوية الخاصة لإشباع احتياجاتهم المعرفية .

– التجميع العنقودي داخل الفصل العادي : ويطبق هذا البرنامج عندما لا يكون عدد طلاب المدرسة كبيرًا بحيث لا يوجد عدد كاف من الطلاب الموهوبين لتكوين فصل مستقل خاص بهم، فإن أحد البدائل المتاحة لتعليمهم هو ضم هؤلاء الطلاب معًا لأداء مهام مشتركة داخل أحد الفصول العادية .

– التجميع بطريقة السحب المؤقت من الفصول العادية: حيث يتم سحب الطلاب الموهوبين من فصولهم العادية التي يدرسون فيها المنهج العادي مع زملائهم العاديين وتجميعهم في مجموعات نوعية معًا لفترة مؤقتة يوميًا أو أسبوعيًا .

أن من أشكال التجميع غير المتجانس ما يلي:

– التعليم التعاوني: وهو أسلوب تدريس يكفل عمل مجموعات صغيرة غير متجانسة تضم كلاً منها طلابًا ذوي مقدرات متباينة عالية ومتوسطة ومنخفضة، ويقوم العمل داخل هذه المجموعات على أساس من التعاون والاعتماد المتبادل الإيجابي.

– التعليم التفريدي أو المفرد: ويتيح هذا الأسلوب للطالب الموهوب والمتفوق التقدم في دراسته وفقًا لمقدرته الفردية وسرعته الذاتية ونمط تعلمه والاعتماد على النفس والتوجيه الذاتي .

ومن أهم المبررات التي يستند إليها المنادون بتجميع الطلاب الموهوبين:

أن التجميع يتيح للطالب الموهوب تكريس كل طاقاته للدراسة والتحصيل بتركيز أكبر، إلى جانب أنه يولد لدى الطالب المزيد من القدرة على التنافس والاستشارة، وأن من أهم ما يميز هذا الأسلوب أنه يزود الطلبة الموهوبين برؤية أفضل لقدراتهم العقلية وذلك من خلال مواجهتهم للتحديات التي تنطوي عليها الممارسات المختلفة والأنشطة المقدمة لهم “.

غير أن البعض يتحفظ من استخدام هذا الأسلوب لما يتضمنه عددًا من المتطلبات من أهمها :

– أن هذا الأسلوب يحتاج إلى برنامج تعليمي جيد التخطيط، سواء في المحتوى ، أو الطريقة، لذلك فهو في حاجة إلى المزيد من البحوث لقبول هذه الإستراتيجية.

– أن التجميع في مدارس خاصة يعزل الموهوبين من سباق الحياة الطبيعية مما يحرمهم من الخبرات الاجتماعية مع أقرانهم العاديين ، غير أن ذلك يحتاج إلى تكلفة عالية مما يتطلب تجهيزات خاصة ، ومعلمين على درجة عالية من التخصص .

– أن تجميع الموهوبين في فصول خاصة بهم قد يشعرهم بالتعالي والغرور والغطرسة ، وفي الوقت نفسه قد ينمي انطباعًا بالدونية لدى أقرانهم العاديين، إلى جانب افتقادهم للقيادة الأكاديمية من قبل أقرانهم المتفوقين ويحرمهم من التعامل مع نماذج القدوة في الصفوف التعليمية.

 

ثالثًا: إستراتيجية الإثراء:

تعرف بأنها إغناء أو إثراء المناهج في إطار الصفوف العادية كي تلائم مطالب وحاجات الطالب المتفوق سواء من حيث العمق أو من حيث الاتساع ، وأن الإثراء يعني إدخال تعديلات أو إضافات على المناهج المقررة للطلبة العاديين حتى تتلاءم مع احتياجات الطلبة الموهوبين والمتفوقين.

وأن إستراتيجية الإثراء التعليمي تطبق بصورة فردية أو في مجموعات صغيرة متجانسة من الطلاب داخل الفصل الدراسي العادي

أو في الفصول والمدارس الخاصة ، كما تطبق من خلال أنشطة إضافية تقدم أحيانًا داخل غرفة المصادر أو المكتبة المدرسية أو المعامل تحت إشراف المعلم العادي أو معلم غرفة المصادر أو المعلم الزائر .

أن إثراء المنهج الدراسي المعتاد يعتمد على إغنائه بمجالات وأنشطة تعليمية وإضافة العديد من الصور و البدائل التي تتخطى مجرد

مضاعفة الواجبات الروتينية ومنها:

أ) الإثراء الأفقي أو المستعرض: ويعني إضافة وحدات أو تقديم موضوعات مناسبة جديدة لموضوعات المنهج الأصلي التي يدرسها الطلاب فع ً لا في مقرر أو عدة مقررات والتي من شأنها تحقيق الاتساع والتمديد والاستمرارية وإشباع الاحتياجات المعرفية.

ب) الإثراء الرأسي أو العمودي: ويعنى به تعميق محتوى مجال ما من مجالات المنهج المقرر الواقعية التي تسمح للطلاب بمزيد من التفكير التأملي والإبداعي وتنمية مقدرم على حل المشكلات واستخدام مهاراتهم في التطبيق والتحليل والتركيب والتقويم في موضوع

ما من موضوعات المنهج بدلاً من مجرد الإلمام بالحقائق والمعلومات السطحية.

لكي يكون الإثراء فعالاً لا بد أن تراعى في تخصيصه وتنظيمه مجموعة من العوامل أهمها:-

– ميول الطلبة واهتماماتهم الدراسية .

– أساليب التعليم المفضلة لدى الطلبة .

– طريقة تجميع الطلبة والوقت المتخصص لتجميعهم .

– تأهيل المعلم الذي سيقوم بالعمل .

– الإمكانات المادية للمدرسة .

مميزات الأسلوب :

– يساعد الطالب بالتخصص في المجال الذي يحظى باهتمامه.

– يهيئ للطالب الموهوب فرصًا لمواجهة المشكلات التي تنطوي على إثارة التحدي والبحث بعمق.

– يمتاز بقلة التكاليف مقارنة بالأساليب الأخرى.

– ويؤدي إلى تنافس المعلمين من حيث تطوير أساليب تعليمية جديدة مما يؤدي إلى تجويد العملية التعليمية .

ومن أهم سلبيات هذا الأسلوب :

أن معظم المعلمين ليس لديهم المعرفة و المهارة لتجهيز الخبرات الإثرائية اللازمة، غير أن الأسلوب يحتاج إلى إدخال تعديلات جذرية على طرق إعداد المعلم ، وتحديد عدد طلبة الصف الواحد وتحضير مواد تعليمية إضافية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المراجع:

جروان ، فتحي. ( ٢٠٠٤). الموهبة والتفوق والإبداع ط ٢، عمان: دار الفكر.

محمود، يسرية. ( ١٩٩٧ ). “الاتجاهات العالمية المعاصرة في تعليم الموهوبين”. بحث منشور، مجلة العلوم التربوية .العدد الثامن، القاهرة

حسانين ، حمدي. ( ١٩٩٧). “الموهوبون- رؤية سلوكية- تصنيفهم خصائصهم النفسية- طرق وأساليب رعايتهم” ، بحث منشور ، الرياض : مكتب التربية العربي لدول الخليج العربي.

الزغبي، محمد سيد. ( ٢٠٠٣ ). مقدمة في التربية الخاصة، القاهرة: دار الفكر العربي.

الشخيلي، خالد. ( ٢٠٠٥ ). الأطفال الموهوبون والمتفوقون أساليب اكتشافهم وطرائق رعايتهم، العين: دار الكتاب الجامعي

النجدي، أحمد وراشد، علي وعبد الهادي، منى. ( ٢٠٠٣ ). طرق وأساليب واستراتيجيات حديثة في التدريس، القاهرة: دار الفكر العربي.

محمد ، عادل. ( ٢٠٠٢ ).” الطفل الموهوب اكتشافه وأساليب رعايته”، بحث مقدم للمؤتمر العلمي الخامس ( تربية الموهوبين والمتفوقين المدخل إلى عصر التميز والإبداع ) خلال الفترة ٢٠٠٢  /١٢/ ١٥

القاهرة، كلية التربية جامعة أسيوط،

القريطي ، عبد المطلب .( ٢٠٠٥ ). الموهوبون والمتفوقون خصائصهم واكتشافهم ورعايتهم، ط ١ ، القاهرة : دار الفكر العربي

عبد الرحيم ، فتحي و بشاي ، حليم. ( ١٩٨٠). سيكلوجية الأطفال غير العاديين واستراتيجيات التربية الخاصة ، الكويت : دار القلم

الزهراني، مسفر. ( ١٤٢٤). إستراتيجيات الكشف عن الموهوبين والمبدعين ورعايتهم بين الأصالة المعاصرة، مكة المكرمة : دار طيبة

Kirk,Barbara.(١٩٩٧).Growing up Giftednes: Developing the Potential of Children , at Home and School ( ٥th ed):Merrill

Davis,G&RimmS.(٢٠٠٤). Education of Thegift Talented (٣rd ed), Englewood Gliffs ,NJ : Prentice Hall.

error: Content is protected !!